responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 102
الطَّهَارَةِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّجَاسَةِ، فَحَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَالنَّجَسُ مِنْهَا

وَفِي الْبَدَائِعِ وَيُكْرَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَهُ طَاهِرٌ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ؛ فَلِأَنَّهُ يَقُولُ بِنَجَاسَتِهِ وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ؛ فَلِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ طَبْعًا فَيَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْ الْمُخَاطِ وَالْبَلْغَمِ اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان، وَإِنْ تَوَضَّأَ فِي إنَاءٍ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ عِنْدَهُمْ.

الرَّابِعُ: فِي حُكْمِهِ قَالَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْبَدَنِ لَا يَبْقَى طَهُورًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْأَحْدَاثَ قَالَ الشَّارِحُونَ: إنَّ هَذَا حُكْمُهُ وَقَالُوا: قُيِّدَ بِالْأَحْدَاثِ لِمَا أَنَّهُ يُزِيلُ الْأَنْجَاسَ عَلَى مَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ تَجُوزُ بِالْمَائِعَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ صَرَّحَ بِهِ الْقِوَامَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْكَاكِيُّ فِي الْمِعْرَاجِ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ وَغَيْرُهُمْ هَذَا، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ طَاهِرًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَكِنْ لَا تَجُوزُ بِهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ إزَالَتُهَا إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ فِي عَصْرِنَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ يُزِيلُ الْأَنْجَاسَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِمَا أَنَّهُ يَقُولُ بِطَهَارَتِهِ، فَهُوَ حَفِظَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْهُ أَشْيَاءُ وَانْدَفَعَ أَيْضًا مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُشْتَغِلِينَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يُزِيلُ الْأَنْجَاسَ اتِّفَاقًا لِمَا أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ نَجِسٌ فَلَا يُزِيلُ وَمُحَمَّدٌ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ بِطَهَارَتِهِ فَعِنْدَهُ لَا يُزِيلُ إلَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَ رِوَايَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَنَسِيَ رِوَايَةَ الطَّهَارَةِ عَنْهُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُحَقِّقُونَ وَأَفْتَوْا بِهَا.
وَذُكِرَ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْقُدُورِيِّ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ وَصَلَاةِ الْجَلَالِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى الرِّوَايَةِ الظَّاهِرَةِ.
وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِهِ عِنْدَنَا، فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا وَأَبُو ثَوْرٍ إلَى أَنَّهُ مُطَهَّرٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] ؛ لِأَنَّ الطَّهُورَ مَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَيُحْتَجُّ لِأَصْحَابِنَا وَمَنْ تَبِعَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - احْتَاجُوا فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ الْكَثِيرَةِ إلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنْ قِيلَ تَرَكُوا الْجُمَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يُسَلَّمُ، وَإِنْ سُلِّمَ فِي الْوُضُوءِ لَا يُسَلَّمُ فِي الْغُسْلِ، فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَمْعِهِ مَنْعُ الطَّهَارَةِ بِهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَالْعَجْنِ وَالتَّبَرُّدِ وَنَحْوِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ تَرْكَ جَمْعِهِ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِهِ لِلِاسْتِقْذَارِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ تَعَافُهُ لِلْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا كَمَا «اسْتَقْذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضَّبَّ وَتَرَكَهُ فَقِيلَ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ وَلَا وَلَكِنِّي أَعَافُهُ» ، وَأَمَّا الطَّهَارَةُ مَرَّةً ثَانِيَةً، فَلَيْسَ فِيهِ اسْتِقْذَارٌ فَتَرْكُهُ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِهِمْ فَيُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ بَحْثِ الْمِيَاهِ مِنْ أَنَّ الطَّهُورَ لَيْسَ هُوَ الْمُطَهِّرَ لِغَيْرِهِ فَضْلًا عَنْ التَّكْرَارِ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِقَوْلِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَجَازَ فِي السَّفَرِ الْوُضُوءُ بِهِ ثُمَّ الشُّرْبُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِذَلِكَ اهـ.
لَمَّا عَلِمْت أَنَّ عَدَمَ شُرْبِهِ لِلِاسْتِقْذَارِ مَعَ طَهَارَتِهِ لَا لِعَدَمِهَا

(قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ حجط) أَيْ ضَابِطُ حُكْمِ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ حجط وَصُورَتُهَا جُنُبٌ انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِلدَّلْوِ أَوْ لِلتَّبَرُّدِ وَلَا نَجَاسَةَ عَلَى بَدَنِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الرَّجُلُ وَالْمَاءُ نَجِسَانِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الرَّجُلُ جُنُبٌ عَلَى حَالِهِ وَالْمَاءُ مُطَهِّرٌ عَلَى حَالِهِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الرَّجُلُ طَاهِرٌ وَالْمَاءُ طَاهِرٌ طَهُورٌ فَالْجِيمُ مِنْ النَّجِسِ عَلَامَةُ نَجَاسَتِهِمَا وَالْحَاءُ مِنْ الْحَالِ أَيْ كِلَاهُمَا بِحَالِهِ، وَالطَّاءُ مِنْ الطَّاهِرِ فَرَتَّبَ حُرُوفَهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْأَئِمَّةِ فَالْحَرْفُ الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلثَّالِثِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ، فَإِذَا سَقَطَ الْفَرْضُ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَدَائِعِ وَيُكْرَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْ قَاضِي خان) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: سَيَذْكُرُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ كَرَاهَةَ التَّوَضُّؤِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ تَرْجِيحُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي إنَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ إنَاءٍ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ جحط) قَالَ فِي النَّهْرِ وَرُوِيَ بِخَطِّ النُّونِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست